بقلم: ناصر عبد الحفيظ
في زمن تداخلت فيه القيم، وتشابكت فيه المصالح، يظل هناك نوع من البشر يُطلق عليهم بحق “ولاد الأصول”. هؤلاء الذين لا تهزهم رياح الظروف، ولا تغيّرهم حسابات المكاسب والخسائر، ولا يبيعون صديقًا أو عِشرة مقابل نزوة أو مصلحة.
ولاد الأصول هم الذين يتذكرون العِشرة والملح، لا ينسون المواقف الجميلة ولا يطعنون في الظهر مهما اختلفت الطرق. يعرفون معنى الوفاء، ويُدركون أن الكرامة لا تُشترى ولا تُباع، وأن العلاقات الإنسانية تُبنى على الصدق والإيثار، لا على الأنانية والبحث عن الغنيمة.
على عكس من يبيعك عند أول اختبار، أو يُفرط فيك عندما لا يجد مصلحته، فإن ولاد الأصول يقفون وقت الشدة، يُساندون وقت المحن، ويُضحّون بوقتهم وجهدهم وراحتهم حتى لا ينكسر من يحبون.
النهايات أخلاق
الحقيقة أن المواقف لا تُقاس بالبدايات وحدها، بل بالنهايات أيضًا. فقد تبدأ علاقة قوية مليئة بالمشاعر والدعم، لكن تُكشف المعادن عند النهاية: من يُحافظ على العِشرة بكرامة وأخلاق، ومن يُدير ظهره بلا تقدير. النهايات أخلاق، وهي الميزان الحقيقي لمعادن البشر.
حملات التشويه
ولأن ولاد الأصول يظلون ثابتين على مواقفهم، قد يتعرضون أحيانًا لحملات تشويه متعمدة من ضعاف النفوس أو من باعوا مبادئهم. لكن الحقيقة أن التشويه لا ينال من معدنهم، بل يزيدهم لمعانًا، فالناس تعرف الأصيل مهما حاول البعض أن يلطّخه بالكذب أو الافتراء.
ولاد الأصول قد لا يكونون كُثر في هذا الزمن، لكنهم كالذهب الخالص، يزدادون قيمة كلما مرّ الزمن، ويظل وجودهم سندًا ومعنى عميقًا للحياة.
وجوه.. شاهد حي على الأصول
ومن أجل ذلك، تُعاد مسرحية “وجوه” للسنة التاسعة على التوالي بنجاح، لتؤكد أن الفن الحقيقي يقوم على الوفاء، وأن الأصول لا تسقط مهما طال الزمن. فالعمل الذي يلامس ضمائر الناس ويكشف جوهر العلاقات الإنسانية لا يمكن أن يموت، بل يتجدد بقوة حضوره، تمامًا كما يتجدد بريق ولاد الأصول في حياتنا
بوابة الأخبار العربية تأسست وكالة A N G عام 2009 على يد الفنان والكاتب الصحفي ناصر عبد الحفيظ