وداعا للكولونيالية الثقافية في عصر الفضاءات المفتوحة د. حسين الأنصاري

وداعا للكولونيالية الثقافية
في عصر الفضاءات المفتوحة
د. حسين الأنصاري
ظلت البلدان الاستعمارية ومنذ ان تبنت وهم امتلاك الهيمنة الثقافية والحضارية على الشعوب الأخرى التي وقعت تحت نفوذ التسلط والاحتلال والخضوع لتبعية مفروضة
في مختلف المجالات الحياتية ، لكن تبقى التبعية الثقافية هي الأكثر تأثيرا وسطوة في التلاعب بالعقول وتسويق الأجندات و رسم معالم المستقبل وإدامة الهيمنة على تلك الشعوب ، ويستمر الحال لوقت اطول هكذا مالم تدرك الأجيال ماوراء ذلك وما تضمره الاستراتيجيات عبر برامجها المتنوعة وألياتها المختلفة التي تستهدف احتلال العقول قبل البلدان ، ولكن مواجهة ذلك يتم من خلال
قراءة و تفكيك البنى الثقافية والحضارية وربط المرجعيات بالأصول وهذا ما تؤكده الدراسات وتثبته الكثير من الأسانيد الفكرية والشواهد التاريخية والحضارية ، ولو عدنا لمرتكز الحضارة الغربية الذي مازال يقوم على مبدأ احتكار المعرفة والحضارة وان معظم التنظيرات مازالت تربط التقدم الحاصل في العالم بجذور الحضارة الأغريقية اليونانية والتي اصبحت في معظم ادبيات وكتب وافكار الغرب انها منبع الفكر والعلم والطب والفنون والفلسفة والأساطير والملاحم التي أشرقت على العالم ومنحته ثمار التحضر والمعرفة وأهدته مفاتيح التعلم والتأثر والتقليد والاعتماد عليها في رسم آفاق المستقبل ، لكن تناسى الغرب ان أصول الحضارة الأغريقية مستمدة من حضارات سابقة ولعل الحضارة الفرعونية وحضارة بلاد الرافدين والحضارة الأفريقية والهندية والصينية هي من غذت وأمدت الإغريق بما حققوه من تطور وإضافات ولربما تحول العالم شيئا فشيئا نحو ترسيخ معالم الهويات المفتوحة من خلال التفاعل والتلاقح والحوار الحضاري الذي بلغ اعلى مستواه بعد النقلة التقنية والتطور الاتصالي الذي جاءت به الثورة المعلوماتية ومعطياتها التي انعكست من خلال الثورة الرقمية والإنترنت والذكاء الاصطناعي وهذا ما نشهده اليوم حيث اصبح العالم فضاءا مفتوحا دون مركزيات او حدود دون مبالغة ودون احتكار للمعلومة وصناعتها ، التعلم والمعرفة باتت في متناول الجميع وغدا الانسان عولميا بأمتياز
بل عومت في هذا الفضاء المترامي كل الهويات فلم يعد الغرب اليوم يدعي بامتلاك
المركزية وسط عالم متغير ومتعدد الثقافات
بل ان. تداخلها وتفاعلها أدى إلى تعويم الهويات في عالم الفضاءات المفتوحة وإلغاء الحدود مما ادى ذلك إلى تحولات كبيرة في تفكيرنا الاجتماعي والثقافي. في هذا العالم المتصل والمتواصل تتلاشت فيه الحدود الجغرافية والثقافية، عبر تفاعل أكثر تنوعًا واندماجا بين الأشخاص والثقافات المختلفة. وبفضل الشبكات المفتوحة، تصبح الهويات أكثر مرونة وقابلية للتغيير، مما يسمح بقبول التجارب وتبني هويات متعددة ومتشابهة في الوقت نفسه.صحيح، ان الديناميات المتغيرة في عالمنا المعاصر قد قلبت مفهوم الهامش والمركز رأسًا على عقب. بفضل الكثير من المستجدات التقنية والأجهزة الإلكترونية والفضائيات وما افرزته شبكات الإنترنت و من منصات ومواقع للتواصل الاجتماعي وبرمجيات الذكاء الاصطناعي، حيث أصبح الفرد العادي قادرًا اليوم على التأثير وجذب الانتباه بشكل لم يكن ممكنًا في السابق. هذه الوفرة المعلوماتية والثورة الرقمية تتطلب منا إعادة التفكير في كيفية التعامل مع الآخر واحترام التنوع والتعددية والمشاركة والتفاعلية في عالمنا المفتوح. إنها فرصة لإعادة رسم خريطة علاقاتنا الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية وفق معايير إنسانية جديدة أكثر شمولًا واتزانا وتكافوا وعدلا ُ واعترافا بثقافة الاخر ووجوده

شاهد أيضاً

blank

سلطنة عُمان تجدد دعمها الثابت للقضية الفلسطينية وتدعو إلى توحيد جهود مكافحة الإرهاب

سلطنة عُمان تجدد دعمها الثابت للقضية الفلسطينية وتدعو إلى توحيد جهود مكافحة الإرهاب شاركت سلطنة …