ناصر عبدالحفيظ يكتب: الرئيس الألماني والمتحف الكبير

ناصر عبدالحفيظ يكتب: الرئيس الألماني والمتحف الكبير

في لحظةٍ استثنائية من عمر الإنسانية، التقت الحضارة بالحضارة، حين أشرقت القاهرة على مشهدٍ مهيب جمع بين الرئيس عبدالفتاح السيسي وضيفه الكريم الرئيس الألماني فرانك-فالتر شتاينماير والسيدة الأولى، في الافتتاح الرسمي للمتحف المصري الكبير، هذا الصرح الذي لم يُبنَ ليُحفظ فيه التاريخ، بل ليُستعاد منه مجد الإنسان.

كان الحفل أكثر من مناسبةٍ رسمية، كان احتفالًا بوعي البشرية، حين وقف العالم أمام مصر التي علّمت الجميع معنى الحضارة، فبادلتها ألمانيا بإعجابٍ وتقدير، مشاركةً بخبراتها في تصميم المعارض وتطوير نظم العرض المتحفي، في تجسيدٍ حيٍّ لشراكةٍ ثقافية تُعبّر عن رؤيةٍ مشتركة تؤمن بأن الثقافة جسرٌ لا يعرف المسافات.

ومن على منصة الافتتاح، رحّب الرئيس عبدالفتاح السيسي بضيوف مصر قائلاً:

“أبدأ كلمتي بالترحيب بكم في أرض مصر، أقدم دولة عرفها التاريخ.

هنا، حيث خطّت الحضارة أولى خُطاها، وشهد العالم ميلاد الفن، الفكر، والكتابة.

إن هذا الصرح العظيم ليس مجرد مكان لحفظ الآثار، بل هو شاهد حيّ على عبقرية الشعب المصري، وبُناة الأهرامات الذين نقشوا مجدهم على صخور الزمن.

اليوم نكتب فصلًا جديدًا من فصول الحاضر والمستقبل لهذه الأمة العريقة، وندعو العالم أن يجعل من هذا المتحف منارة للحوار والتقارب الإنساني.

تحيا مصر، وتحيا الإنسانية.”

كلمات الرئيس جاءت كوثيقةٍ إنسانية تؤكد أن مصر لا تعيش على مجدٍ غابر، بل تفتح أبواب المستقبل بروحٍ تعرف قدرها وقدر ما صنعت.

ومن جانبه، عبّر الرئيس الألماني فرانك-فالتر شتاينماير عن سعادته بالمشاركة في هذا الحدث العالمي قائلاً إن المتحف المصري الكبير يُجسد جسرًا حضاريًا بين الإنسانية في ماضيها ومستقبلها، ومثالًا رائعًا لما يمكن أن يحققه التعاون الثقافي بين الأمم.

كان حديثه نابعًا من تقديرٍ صادقٍ لدور مصر في حفظ ذاكرة الإنسان، ومن إيمانٍ بأن التعاون الثقافي هو لغة الشعوب التي تحترم التاريخ وتؤمن بالسلام.

لم يكن الحفل مجرد عرضٍ فنيٍّ مبهر، رغم ما فيه من موسيقى ساحرة وأداءٍ راقٍ من العازفتين أميرة ومريم أبو زهرة والموهبة الصغيرة ياسمينا العبد، بل كان رسالة وعيٍ جديدة للعالم: أن مصر حين تتكلم، يتوقف التاريخ ليُصغي.

لقد بدا المتحف المصري الكبير كأنه وعدٌ من الحاضر للمستقبل، يربط بين عبقرية المصريين القدماء وإصرار أبنائهم المعاصرين، ويُعيد تعريف العلاقة بين الإنسان وتراثه، بين الفن والهوية، وبين الحضارة والروح.

في ذلك المساء، لم تكن القاهرة وحدها تحتفل؛ كانت برلين وباريس وطوكيو والعالم أجمع يشاهد في صمتٍ مهيبٍ مصر وهي تُعيد للعالم ذاكرته الأولى.

في الأول من نوفمبر 2025، كُتب فصل جديد من حكاية مصر.

فصلٌ يبدأ من المتحف المصري الكبير، لكنه يمتد إلى الوجدان الإنساني كله.

إنه الحدث الذي جمع الشرق بالغرب على أرض الكنانة، حيث لم تكن الشراكة بين مصر وألمانيا شراكة مصالح، بل شراكة فكرٍ واحترامٍ وإيمانٍ بأن الإنسانية تستحق أن تتأمل ماضيها لتبني غدها.

وها هي مصر، مرةً أخرى، تبهر العالم من جديد، بقيادتها، وبفنها، وبقدرتها على أن تُحوِّل التاريخ إلى مستقبلٍ حيٍّ، يُضيء دروب الأمم ويُذكّر الجميع أن هذه الأرض كانت، وستظل، قلب الحضارة النابض

blank blank blank

شاهد أيضاً

blank

دور الصحافة والإعلام كبير جدًا في كل المجالات

    دور الصحافة والإعلام كبير جدًا في كل المجالات كتب عبدالحميد صالح سواء كانت …