من يبني الوطن هو صاحب الشرعية

 

 

✍️ بقلم الكاتب والمخرج/ فرج بوفاخره

 

عندما تنهار الدولة وتغيب مؤسساتها، يصبح المشهد مفتوحًا على الفوضى والانفلات الأمني. في مثل هذه اللحظات الحرجة، لا يبحث الناس عن رفاهية أو تحسين مستوى المعيشة، بل ينحصر همّهم في البقاء. إذ لا قيمة للوجود الإنساني من دون الطمأنينة، ولا معنى للحياة حين تتحول إلى صراع يومي مع الخوف.

 

وسط هذا الواقع المظلم، برزت مبادرة وطنية صادقة التف حولها الجميع، قدّموا لها الأرواح والمال، لأنها مثّلت بارقة الأمل ومنحتهم الإحساس بالإنقاذ. لم تكن المبادرة مجرد مشروع سياسي عابر، بل كانت مشروعًا وطنيًا حقيقيًا، غُذّيت بتضحيات الشهداء والمجاهدين حتى بدأت تثمر أمنًا وهدوءًا وإعمارًا.

 

اليوم، يقف الشعب في زوايا الوطن المختلفة ينادي بما تبقى من خطوات لإكمال مسيرة السلام والطمأنينة. هؤلاء الصادقون الذين حملوا المبادرة وحققوا ما كان يحلم به الناس من وحدة وطنية وسلام، يستحقون عهد الوفاء. فقد استطاعوا أن يعيدوا الأمل في وطن واحد جميل يتسع للجميع.

 

من يجرؤ على كسر الصمت وكشف بشاعة الحياة تحت الإرهاب المبرمج، يستحق أن تُرفع له القبعة. فالقضية ليست في الأسماء أو المسميات التي تُرخَّص هنا وتُمنع هناك، بل في الواقع الذي نعيشه جميعًا.

 

إن من يبني الوطن هو صاحب الشرعية الحقيقية. فالشرعية لا تُستمد من نصوص جامدة أو مسميات متغيرة، وإنما من القدرة على تحقيق الأمن وبسط الاستقرار وبناء دولة المواطنة. وفي زمن تتعدد فيه الوجوه والشعارات، يبقى معيار الشرعية واحدًا: من يزرع الأمن ويشيد البناء هو الأحق بالاعتراف والوفاء

شاهد أيضاً

العربي فارس في إيذاء ذاته

    بقلم: د ليلي الهمامي أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة لندن   مسألة أساسيّة …