بقلم :د.محمد عبدالعزيز
جلست ذات يوم أرتشف فنجان القهوة المعتاد في ركني المفضل من شقتي القديمة قدم ايام عمري وانا اتصفح الجرائد اليومية حتى دفعتني حفيدتي “رقية” الراقية برفق وهي تقول لي يا جدو قرأت قصتك القصيرة اليوم في الجريدة بس أسمها صعب شوية “أصدُع الحب السبعة” ، يعني ايه “أصدُع” يا جدو ؟ ، فقلت لها “أصدُع” جمع “صُداع” يا أجمل صداع في حياتي كلها فضحكت في خبث شديد وقالت لي طيب أحكيلي بقا عندك كام صداع تاني غيري يا جدو ؟ ، فخرجت مني ضحكة عالية مفاجئه لخفة دم حفيدتي غير المعتادة ثم بعد لحظة صمت طويلة بدأت اقول لها :-
كلنا نعيش لكن ليس للجميع حياة فالحياة في الامان والتقدير ، الامان في مقومات الحياة الأساسية من مآكل ومشرب وملبس ومسكن ودواء ، والتقدير في الاحترام والاهتمام ، الاحترام والاهتمام ليس بالضرورة ان نحصل عليهم من الجميع لكن اهم شئ أن نحصل عليهم ممن نحبهم حتى يكون الحب متبادلا ، الحب غير المتبادل يسبب ألما لا ينتهي وللأسف الحب الحقيقي والمشاعر الصادقة لا يكنها الا من تعرض للآلام وأقسى انواع الآلام هي جرح المشاعر تلك المشاعر التي تم رفضها ولم يتح لها أحد المجال لتعبر عن نفسها في النور فأصبحت جرحا غائر في الروح قبل القلب ، لأن الحب الحقيقي هو الحب الذي بدونه تشعر انك تفتقد لانسانيتك ومشاعرك وطيبتك وقدرتك على الضعف والتسامح مع أحدهم ، الحب الحقيقي لا يكون حبا الا إذا كنت لا تستطيع أن تفارق محبوبك فإن اضطررت لفراقه فانت مذبوحة روحك بما لا يفهمه من شغلتهم حب أساسيات الحياة وسبل توفيرها من مآكل ومشرب وملبس ومسكن ، وليس فرضا على الجميع أن يتخلى عن دوره في توفير اساسيات الحياة له ولمن يعول لكن يجب ألا يتخلى الجميع عن انسانيتهم وان يقدروا الحب ، الحب لا يكون حبا حقيقيا بدون أن تتواصل مع روح محبوبك ، اذا كان محبوبك ساخرا جريئا عليك وعلى الحب ولا يستطيع أن يرى روحك المعذبة فانت في دوامة تلك الحياة المؤقتة الفانية لا يتعذب فيها عذاب الروح غيرك اما بقية البشر يتعذبوا بالوان اخرى الوان مادية لا ترقى لعذاب الروح ، عذاب الروح لا يعرفه الجهلاء ممن ينتظروا طوال حياتهم استقرار مادي وشكل ونمط ومظهر اجتماعي معين أمام الناس ، حينئذ نظرت بعيدا الى خارج غرفتي المفضلة اقلب بنظري في أروقة شقتي القديمة وكأني أقلب في أيام عمري وفي ما أفنيتها ، حينها قاطعتني حفيدتي بشغف واهتمام قائلة اذا الجميع يعاني من صداع ما في حياته وفي قلبه ومشاعره قبل رأسه ، لكن ما هي انواع الصداع السبعة التي تحدثت عنها في القصة؟
حينها قلت لها …
انواع الصداع في الحب سبعة هي :-
. الصداع الاول الصداع البدائي
صداع حب البقاء وتلبية الاحتياجات الأساسية
. الصداع الثاني الصداع الخارجي
صداع حب مشاركة الحياة من خلال تحمل التعامل مع كل ما يحيط بنا من أشياء وبشر ومخلوقات شتى
. الصداع الثالث الصداع الداخلي
صداع حب الذات من خلال محاولة فهمها وإشباع رغباتها وتطويرها وكل منا يتفاوت عن الآخر في كيفية تعامله مع هذا الحب لنفسه ومدى قدرته على الايثار أو أنانيته في التعامل .
. الصداع الرابع الصداع العنكبوتي
صداع حب الآخرين وحب القيم والمبادئ وحب الوطن ، حب متشابك ومتداخل مثل شبكة العنكبوت
. الصداع الخامس الصداع الحسي
صداع حب الجنس والعلاقة الحسية مع شريك مناسب او شريكة مناسبة وقد يؤدي حب الذات الذي سبق ذكره إلى أن يكون الإنسان ذواقا في الحب الحسي وهو أمر منهي عنه في الدين بأن يكون الحب بين الجنسين بهدف التذوق .
. الصداع السادس الصداع الراقي
هو صداع حب الوفاء للذكريات والأشخاص الذين جمعنا بهم العشرة والايام والذكريات ومشوار الحياة
. الصداع السابع الصداع الساكن
وهو الصداع الدائم لكنه ساكن وهو الذي يصل فيه حد الألم الى الروح لان تعلق الانسان بشخص ما أو بأمر ما وصل حد روحه ، حينها تحب روح محبوبك بروحك وكانك ترى تلك الروح وهو أمر لا يصل له الجميع ، وكل انواع الحب سابقة الذكر تسبب ألم أو صداع وأقساها ما لم يمكن أن نبوح به ولا يراه الآخرون من حولنا .
، بعد ذلك تنهدت حفيدتي وقالت لي انها لا تمل الحديث معي ثم أردفت قائلة لقد تحدثت يا جدو عن أنواع كل الحب تقريبا الا حب الذات الإلهية ، حينها تداركت قائلاً لقد تحدثت عن أنواع الصداع في الحب وليس أنواع الحب فإذا كان الحب بين المخلوقات قد يصل الى حب الروح ومع ذلك يتحقق الفراق والألم فإن حب الذات الإلهية يبدأ من حيث طمأنينة الروح وسكينة النفس ، حب الذات الإلهية لا يسبب صداع ولكن يساعدنا على تخطي كل انواع الصداع المختلفة في الحب لذلك حب الذات الإلهية هو الحب الشافي والنبع الصافي لمحبة الروح والحق والرحمة .
شاهد أيضاً
حكايات حرب اكتوبر المجيدة
بقلم / احمد صيام لقد كانت كلمة “أوشريا” هي الكلمة الأشهر في قاموس الشفرات النوبية …